﴿یَــٰۤـأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ﴾ أصل التقوى مُلازمة الحذر والورَع، ومضمونها جامعٌ لكلِّ عملٍ صالحٍ.
﴿وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا﴾ قبل تمامه من شدَّة الفزع.
﴿وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَـٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَـٰرَىٰ﴾ أثبت سُكْرَ المجاز، والذي هو بمعنى الذهول والاضطراب، ونفى سُكْرَ الحقيقة، والذي لا يكون إلا بالشراب، وهذه الآية من أوضح الشواهد على استعمال المجاز في القرآن الكريم.
﴿فَإِنَّا خَلَقۡنَـٰكُم مِّن تُرَابࣲ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةࣲ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةࣲ ثُمَّ مِن مُّضۡغَةࣲ﴾ تبيانٌ لمراحل خلق الإنسان في الرَّحِم، وقد تمكَّن علمُ الأجنَّةِ الحديث من تصوير هذه المراحل بالدقة الكافية، وأثبت أنَّها تكون في حدود الأسابيع الخمسة الأول، وهو ما يوافق حديث مسلم: «إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا، وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا».
وقد طلَبتُ من الدكتور عبد القادر العبيدي (وهو طبيبٌ معروف ومهتمٌّ بهذه المسائل) أن يكتب لي آخر ما توصَّلَ إليه في هذا المجال، فكتب لي ما نصُّه: (العَلَقَة تبدأ مِن يوم 15 إلى يوم 23 بعد التلقيح، وخلال هذه الأيام تبدأ خلايا القرص الجنيني بالتخصص و
التكاثر بشكلٍ سريعٍ جدًّا، وأوَّل ما يتكون الجهاز العصبي والدماغ، ويتبعه القلب والأوعية الدمويَّة، وتكون الأوعية ممتلئة بخلايا الدم ولكنَّها غير متحركة؛ لأن القلب لم يبدأ بالنبض بعد، فهي تُشبِه قطعة الدم الجامدة، وهي تعتمد في غذائها على الأم؛ وذلك بتعلُّقها عن طريق الحبل السُّرِّي الابتدائي بجدار الرَّحِم، وفي نهاية هذه المرحلة تكون في مظهرها الخارجي تُشبِه دُودَة العَلَقة.
أما المُضغَة فتبدأ من يوم 23 إلى يوم 42، والخلايا مُستمرة بالتخصص وتكوين أجهزة الجسم، ولكن الشيء المميز الآن هو ظهور ما يُسمَّى الفلقات على الجانبين، هذه الفلقات ستكون العظام والعضلات والجلد، والجنين في هذه المرحلة شكله تمامًا يُشبِه العَلكة أو اللحمة الممضُوغة، والآن أطباء علم الأجنَّة يُسمُّونهما: Leech embryo stage "مرحلة العلقة" وChewable lump stage "مرحلة المضغة".
﴿مُّخَلَّقَةࣲ وَغَیۡرِ مُخَلَّقَةࣲ﴾ ليست كلُّ النُّطَف الداخلة في الرَّحِم تتخلَّق أجنَّة، بل الجنين يتخلَّق من نُطفةٍ واحدةٍ، وباقي النُّطف يمُجُّها الرَّحِم.
﴿ثُمَّ نُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلࣰا﴾ الطفلُ اسم جنسٍ يُغني عن الجمع.
﴿أَرۡذَلِ ٱلۡعُمُرِ﴾ أرْدَأَه، وهو الخَرَف؛ ولذلك قال بعده:
﴿لِكَیۡلَا یَعۡلَمَ مِنۢ بَعۡدِ عِلۡمࣲ شَیۡـࣰٔاۚ﴾.
﴿هَامِدَةࣰ﴾ ساكنة، لا حركة فيها ولا نموَّ.
﴿ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡ﴾ تحركت بالزرع ونَمَت.
﴿ثَانِیَ عِطۡفِهِۦ﴾ لاوِيًا جانبه، وقفةَ المستكبر المستهزئ.
﴿ذَ ٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ یَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَیۡسَ بِظَلَّـٰمࣲ لِّلۡعَبِیدِ﴾ قاعدة عظيمة في بيان حقيقة العقيدة الإسلاميَّة تجاه مسؤوليَّة الإنسان الكاملة عن سلوكه وتصرُّفه، وأنَّ الاحتجاج بالقدر في هذه المسألة مُنافٍ للعقيدة الصحيحة، وفيه معنى اتهام الله بما يخالف الحقَّ والعدل، فالله مُحال أن يتدخَّل في إرادة الإنسان ويحرفها عن طريق الخير، ثم يعاقبه على ذلك، تنزَّه ربُّنا الرحيم الكريم عن ذلك، وعلا علوًّا كبيرًا.
﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفࣲۖ﴾ على طرفٍ غير ثابتٍ وغير مستقرٍّ، كأنه يتعجَّل نتيجةَ عبادته؛ فإنْ أصابه مغنَم استمر، وإنْ كانت الأخرى رجع.
﴿مَن كَانَ یَظُنُّ أَن لَّن یَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡأَخِرَةِ فَلۡیَمۡدُدۡ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَاۤءِ ثُمَّ لۡیَقۡطَعۡ فَلۡیَنظُرۡ هَلۡ یُذۡهِبَنَّ كَیۡدُهُۥ مَا یَغِیظُ﴾ اختلف المُفسِّرون في توجيه هذه الآية، والذي يظهر من السياق: أنَّ الحديث لا زال مُتَّصِلًا بأولئك الذين يعبُدون الله على حرف، فالله ـ يقولُ لهم: إنْ كنتم تشكُّون في نصر الله لهذا الدين ولنبيِّه الكريم
ﷺ، فارتقوا إلى السماء، واقطعوا عنه الوحي الذي هو أساس الدين، ومصدر
النصر والتمكين، وهذا مِن باب التعجيز المحض، ثم يقول لهم على سبيل التهكُّم:
﴿فَلۡیَنظُرۡ هَلۡ یُذۡهِبَنَّ كَیۡدُهُۥ مَا یَغِیظُ﴾ بمعنى أنَّه إذا وصَلتم إلى السماء، وقطَعتم مصدر الوحي، فانتظروا آنذاك أنْ يتحقَّق في مُحمدٍ ودينه ما تتمنَّون، والله أعلم.
﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ یَسۡجُدُ لَهُۥ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلۡجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَاۤبُّ﴾ هو السجود القدري، والذي يعني: الخضوع التام للنظام الذي وضعه الله في هذا الكون.
﴿وَكَثِیرࣱ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ﴾ يسجُدون أيضًا، لكنَّه السجود التكليفي الذي يتفاوَت فيه الناس بخلاف السجود القدري.
﴿۞ هَـٰذَانِ خَصۡمَانِ﴾ فريقان: فريق الجنة، وفريق النار.
﴿وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّیِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ﴾ في دُنياهم وأُخراهم، أولئك أصحاب الجنة.
﴿وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَ ٰطِ ٱلۡحَمِیدِ﴾ طريق الله الحميد الذي أوصَلَهم إلى الحقِّ والثبات عليه في الدنيا، ثم أوصَلَهم إلى مرضاة الله، والجنة في الآخرة.