ولكنَّ تكذيبَهم له من غير شبهةٍ إنْ هو إلا محضُ الكفرِ والعنادِ وأمرٌ قد توارثَتْه الأممُ المكذبةُ؛ فلهذا قال: {كذلك سَلَكْناه في قلوب المجرمين}؛ أي: أدْخَلْنا التكذيبَ وأنظمناهُ في قلوب أهل الإجرام؛ كما يَدْخُلُ السلكُ في الإبرة، فتشرَّبَتْه، وصار وصفاً لها، وذلك بسبب ظلمهم وجرمهم؛ فلذلك {لا يؤمنونَ به حتى يَرَوا العذابَ الأليم}: على تكذيبهم، {فيأتيهم بَغْتَةً وهم لا يشعرونَ}؛ أي: يأتيهم على حين غفلةٍ وعدم إحساس منهم ولا استشعارٍ بنزوله؛ ليكون أبلغ في عقوبتهم والنَّكال بهم، {فيقولوا}: إذ ذاك: {هل نحنُ مُنْظَرونَ}؛ أي: يطلبون أن يُنْظَروا ويُمْهَلوا، والحال أنه قد فات الوقت، وحلَّ بهم العذابُ الذي لا يُرْفَع عنهم، ولا يُفَتَّرُ ساعةً.