ولمَّا أمره بما فيه كمالُ نفسه؛ أمَرَه بتكميل غيره، فقال: {وأنذِرْ عشيرتَكَ الأقربينَ}: الذين هم أقربُ الناس إليك، وأحقُّهم بإحسانك الدينيِّ والدنيويِّ، وهذا لا ينافي أمره بإنذار جميع الناس؛ كما إذا أُمِرَ الإنسان بعموم الإحسان، ثم قيل له: أحسن إلى قرابتِكَ؛ فيكون هذا الخصوص دالًّا على التأكيد وزيادة الحثِّ. فامتثلَ - صلى الله عليه وسلم - هذا الأمرَ الإلهيَّ، فدعا سائرَ بطون قريش، فعمَّم وخصَّص، وذكَّرهم ووعظهم، ولم يُبْقِ - صلى الله عليه وسلم - من مقدوره شيئاً من نصحهم وهدايتهم إلاَّ فعلَه، فاهتدى من اهتدى، وأعرض من أعرض.