{واخْفِضْ جناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ من المؤمنينَ}: بلين جانبك، ولطفِ خطابِك لهم وتودُّدك وتحبُّبك إليهم وحُسنِ خُلُقِك والإحسان التامِّ بهم، وقد فعل - صلى الله عليه وسلم - ذلك؛ كما قال تعالى: {فبما رحمةٍ من الله لِنتَ لهم ولو كنتَ فَظًّا غليظَ القلب لانْفَضُّوا من حولِكَ فاعفُ عنهم واستَغْفِرْ لهم وشاوِرْهم في الأمر}؛ فهذه أخلاقُه - صلى الله عليه وسلم - أكملُ الأخلاق التي يحصُلُ بها من المصالح العظيمة ودفع المضارِّ ما هو مشاهدٌ؛ فهل يَليقُ بمؤمن بالله ورسوله يدَّعي اتِّباعَه والاقتداء به أن يكون كَلًّا على المسلمين، شرسَ الأخلاقِ، شديدَ الشَّكيمةِ [عليهم]، غليظَ القلبِ، فظَّ القول فظيعَه، وإنْ رأى منهم معصيةً أو سوءَ أدبٍ؛ هَجَرَهُم ومَقَتَهم وأبْغَضَهم، لا لينَ عنده، ولا أدبَ لديه، ولا توفيقَ؛ قد حصل من هذه المعاملة من المفاسِدِ وتعطيل المصالح ما حَصَلَ، ومع ذلك تَجِدُهُ محتقراً لِمَنِ اتَّصفَ بصفات الرسول الكريم، وقد رماه بالنِّفاق والمداهنةِ، وذكر نفسَه ورفَعَها وأُعْجِبَ بعمله؟! فهل يعدُّ هذا إلاَّ من جهله وتزيين الشيطان وخدعه له؟!