فقال موسى: {ربُّكم وربُّ آبائِكُمُ الأوَّلين}: تعجَّبْتُم أم لا، استكبرتُم أم أذعنتُم، فقال فرعون معانداً للحقِّ قادحاً بمن جاء به: {إنَّ رسولَكُم الذي أُرسِلَ إليكم لمجنونٌ}: حيث قال خلاف ما نحنُ عليه، وخالَفَنا فيما ذهبنا إليه؛ فالعقل عنده وأهل العقل مَنْ زَعموا أنَّهم لم يُخْلَقوا، أو أن السماواتِ والأرض ما زالتا موجودتين من غير موجدٍ، وأنهم بأنفسهم خُلِقوا من غير خالق! والعقلُ عنده أن يُعْبَدَ المخلوقُ الناقصُ من جميع الوجوه! والجنون عندَه أن يُثْبَتَ الربُّ الخالق للعالم العلويِّ والسفليِّ والمنعمُ بالنِّعم الظاهرةِ والباطنةِ ويُدْعى إلى عبادتِهِ! وزيَّنَ لقومِهِ هذا القول، وكانوا سفهاء الأحلام خفيفي العقول، {فاستخفَّ قومَه فأطاعوه إنَّهم كانوا قوماً فاسقينَ}.