{قال} فرعون {للملأ حولَه}: معارضاً للحقِّ ومَنْ جاء به: {إنَّ هذا لساحرٌ عليمٌ. يريدُ أنْ يُخْرِجَكم من أرضِكُم}: موَّه عليهم لعلمِهِ بضَعْفِ عقولهم أنَّ هذا من جنس ما يأتي به السحرةُ؛ لأنَّه من المتقرِّر عندَهم أنَّ السحرة يأتون من العجائب بما لا يقدِرُ عليه الناس، وخوَّفَهم أن قصدَهُ بهذا السحر التوصُّل إلى إخراجهم من وطنهم؛ ليجدُّوا ويجتهدوا في معاداةِ مَنْ يريدُ إجلاءهم عن أولادِهِم وديارِهِم، {فماذا تأمرونَ} أن نَفْعَلَ به؟ {قالوا أرْجِهْ وأخاهُ}؛ أي: أخِّرْهما، {وابْعَثْ في المدائن حاشرينَ}: جامعين للناس، يأتوكَ أولئك [الحاشرون] {بكلِّ سَحَّارٍ عليم}؛ أي: ابعثْ في جميع مُدُنِكَ التي هي مقرُّ العلم ومعدنُ السحر مَنْ يجمعُ لك كلَّ ساحرٍ ماهرٍ عليم في سحرِهِ؛ فإنَّ الساحرَ يُقَابَلُ بسحرٍ من جنس سحرِهِ، وهذا من لطفِ الله؛ أن يريَ العبادَ بطلانَ ما موَّه به فرعونُ الجاهلُ الضالُّ المضلُّ أنَّ ما جاء به موسى سحرٌ؛ قيضهم أن جمعوا أهل المهارة بالسحر؛ لينعقد المجلسُ عن حضرةِ الخلق العظيم، فيظهر الحقُّ على الباطل، ويقر أهل العلم وأهل الصناعة بصحَّةِ ما جاء به موسى، وأنَّه ليس بسحر.