فسمع سليمانُ عليه الصلاة والسلامُ قولَها وفَهِمَهُ،
{فتبسَّمَ ضاحكاً من قولِها}: إعجاباً منه بفصاحتها ونُصحها وحسن تعبيرها، وهذا حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ الأدبُ الكاملُ، والتعجُّب في موضعه، وأنْ لا يبلغَ بهم الضَّحِك إلاَّ إلى التبسُّم؛ كما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - جُلُّ ضَحِكِهِ التبسُّمُ؛ فإنَّ القهقهةَ تدلُّ على خفة العقل وسوء الأدب، وعدم التبسُّم والعجب مما يُتَعَجَّب منه يدلُّ على شراسةِ الخلق والجبروت، والرسل منزَّهون عن ذلك. وقال شاكراً لله الذي أوصله إلى هذه الحال:
{ربِّ أوْزِعْني}؛ أي: ألهمني ووفقني
{أنْ أشكُرَ نعمتَكَ التي أنعمتَ عليَّ وعلى والديَّ}: فإنَّ النعمةَ على الوالدين نعمةٌ على الولد، فسأل ربَّه التوفيق للقيام بشكر نعمتِهِ الدينيَّة والدنيويَّة عليه وعلى والديه،
{وأنْ أعملَ صالحاً ترضاه}؛ أي: ووفِّقْني أن أعمل صالحاً ترضاه؛ لكونه موافقاً لأمرك مخلصاً فيه سالماً من المفسدات والمنقصات،
{وأدخلني برحمتِكَ}: التي منها الجنة،
{في}: جملةِ
{عبادِكَ الصالحين}: فإنَّ الرحمةَ مجعولةٌ للصالحين على اختلاف درجاتهم ومنازلهم. فهذا نموذجٌ ذَكَره الله من حالة سليمان عند سماع خطابِ
النملة وندائها.