﴿وَیَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ﴾ على سبيل الاستِهزاء أو التحدِّي، وإمعانًا في التكذيب والمُعانَدة.
﴿وَلَوۡلَاۤ أَجَلࣱ مُّسَمࣰّى﴾ في علم الله وتقديره.
﴿یَـٰعِبَادِیَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤاْ إِنَّ أَرۡضِی وَ ٰسِعَةࣱ فَإِیَّـٰیَ فَٱعۡبُدُونِ﴾ إشارة للخروج والهجرة عن الأرض التي لا يتمكَّن المؤمنُ فيها من المُحافظَة على دينه.
﴿كُلُّ نَفۡسࣲ ذَاۤىِٕقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ﴾ تأكيدٌ لحتميَّة الموت بتنزيله منزلة المحسوس من المطعُومات، والتعميم على كلِّ الخلق مؤمنهم وكافرهم، إلا أنَّ تذوُّقهم له مختلفٌ باختلاف رضا الله عنهم، أو سخطه عليهم.
﴿لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ غُرَفࣰا﴾ أي: لنُنزلنَّهم.
﴿نِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَـٰمِلِینَ﴾ تأكيدٌ لقيمة العمل، وهو هنا: العمل الصالح، وأنَّ الإنسان مجزِيٌّ بعمله لا بنَسَبه ولا بجاهِه.
﴿وَكَأَیِّن مِّن دَاۤبَّةࣲ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ یَرۡزُقُهَا﴾ يعني أنَّ كثيرًا من الدوابِّ التي تعيش على هذه الأرض لا تَقدِر على كسب رزقها بنفسها، ولكنَّ الله ـ يرزقها ويرعاها.
﴿وَإِیَّاكُمۡۚ﴾ أي: وكذلك يرزقكم أنتم، وفيه إشارةٌ لدفع التخوُّف من الفقر بعد أن رغَّبَهم بالهجرة من مكَّة في الآية السابقة.
﴿وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ لَیَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ﴾ هذه مناقشة عميقة لعقيدة المشركين، فهم لا يعتَقِدون في أصنامهم أنَّها هي التي خلَقَت السماوات والأرض، وسخَّرَت الشمس و
القمر، بل هذا لله وحده، لكنَّهم بعباداتهم وشعائرهم ونذورهم ينصرفون إلى أصنامهم، فكانت المُقدِّمة شيئًا والنتيجة شيئًا آخر.
وهذه من غرائب المعتقدات، ونموذج صارخ من انتكاسة العقل البشري، إذ إنَّ منطِق العقل السليم أنَّ الذي يستحِقُّ العبادة والدعاء، وتتوجَّه إليه القلوبُ بالتوكُّل والطمأنينة إنّما هو الذي بيده الخلق، وله القدرة على النفع والضر، والرزق والمنع، والإحياء والإماتة ـ، والآيتان التاليتان تؤكِّدان هذا المعنى وتُعمِّقانه بشواهد التوحيد المبثُوثة في هذا الكون.
﴿وَمَا هَـٰذِهِ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَاۤ إِلَّا لَهۡوࣱ وَلَعِبࣱۚ﴾ يعني أنَّ هذه الدنيا إذا قُطِعَت عن الآخرة وعقيدة البعث والحساب والجزاء لم يَبقَ فيها سوى اللهو واللعب، والمتاع الزائل.
﴿وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلۡأَخِرَةَ لَهِیَ ٱلۡحَیَوَانُۚ﴾ أي: هي الحياة الجديرة بوصف الحياة؛ لأنَّها حياة دائمة لا يقطعها موت أو فناء.
﴿فَإِذَا رَكِبُواْ فِی ٱلۡفُلۡكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ إِذَا هُمۡ یُشۡرِكُونَ﴾ عَودٌ على بدءٍ في مناقشة المشركين، فبعد استِنطاق عقولهم واعترافهم بأنَّ آلهتهم لا تخلُقُ السماوات والأرض، ولا تُسخِّر الشمس و
القمر، عاد هنا لاستِنطاق فِطرتهم، فهم إذا كانوا في البحر واستشعروا خطر الموت من الغرق، تراهم يلجَؤون إلى الله وحده، لكنَّهم بعد نجاتهم يتذكَّرون آلهتهم المزيَّفة تلك!
﴿لِیَكۡفُرُواْ بِمَاۤ ءَاتَیۡنَـٰهُمۡ وَلِیَتَمَتَّعُواْۚ﴾ تهديدٌ ووعيدٌ بصيغة الأمر.
﴿وَیُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ﴾ بالغزو واعتداء بعضهم على بعض.
﴿مَثۡوࣰى لِّلۡكَـٰفِرِینَ﴾ مقامٌ ومنزلٌ لهم.
﴿وَٱلَّذِینَ جَـٰهَدُواْ فِینَا﴾ بطلب الحقِّ، والسعي له، والتمسُّك به، والصبر عليه.
ومعلومٌ أنَّ هذه السورة مكيَّة، بمعنى أنَّها نزلت قبل الإذن بالقتال، ومن جعَلَ القتالَ طريقًا للعلم والهداية بهذه الآية، فالآيةُ لا تُسعِفُه، وإنما القتال في وقته داخِلٌ في مضمُون الجهاد العام المُوصِل إلى طريق الهداية، والله أعلم.
﴿لَنَهۡدِیَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ﴾ جاء بصيغة الجمع - مع أنَّ سبيلَ الله واحد - إشارة إلى كثرة طرق الخير وتنوُّعها، وكلٌّ مُيسَّرٌ لما يُناسبه ويُناسب إمكانيَّاته واستعداداته، والله أعلم وأحكم وأرحم.