{وإذ قال لقمانُ لابنِهِ وهو يَعِظُهُ}؛ أو: قال له قولاً به يعظه، والوعظُ: الأمرُ والنهيُ المقرون بالترغيب والترهيب؛ فأمَرَهُ بالإخلاص ونهاه عن الشرك وبيَّن له السبب في ذلك، فقال: {إنَّ الشركَ لظلمٌ عظيمٌ}: ووجه كونه عظيماً أنَّه لا أفظع وأبشع ممَّن سوَّى المخلوق من تراب بمالك الرقاب، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئاً بمالك الأمرِ كلِّه، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه بالربِّ الكامل الغنيِّ من جميع الوجوه، وسوَّى مَن لم يُنْعِمْ بمثقال ذرَّةٍ من النعم، بالذي ما بالخلق من نعمةٍ في دينهم ودنياهم وأخراهم وقلوبهم وأبدانهم إلاَّ منه، ولا يصرف السوء إلاَّ هو؛ فهل أعظم من هذا الظلم شيءٌ؟! وهل أعظمُ ظلماً ممَّن خلقه الله لعبادته وتوحيدِهِ، فذهب بنفسه الشريفة، فجعلها في أخسِّ المراتب، جعلها عابدةً لمن لا يسوى شيئاً، فظلم نفسه ظلماً كبيراً؟!