﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ﴾ أي: لا تحمِلُ نفسٌ حِملَ غيرها.
﴿وَإِن تَدۡعُ مُثۡقَلَةٌ﴾ ذَكَرَ الصفة وحذف الموصوف، أي: نفس مُثقَلة ومُحمَّلة بالذنوب.
﴿إِلَىٰ حِمۡلِهَا﴾ تطلب من يُعِينها ويحمل شيئًا من ذنوبها.
﴿لَا یُحۡمَلۡ مِنۡهُ شَیۡءࣱ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰۤۗ﴾ أي: ولو كان من استَنجدت به قريبًا لها.
﴿وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ﴾ تشبيه للفارق بين حالَتَي النعمة والشقاء.
﴿وَمَاۤ أَنتَ بِمُسۡمِعࣲ مَّن فِی ٱلۡقُبُورِ﴾ شبَّهَ المشركين المُعانِدين بالموتى الذين لا يسمعون.
﴿وَإِن مِّنۡ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِیهَا نَذِیرࣱ﴾ أي: ليس هناك أُمّة في البشر إلا جاءها رسولٌ من الله، وإن لم يذكر القرآن لنا أسماءهم وأخبارهم، وفي هذا ردٌّ على من يظُنُّ أنّ الرُّسُل كلّهم كانوا في منطقتنا هذه.
﴿جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَبِٱلزُّبُرِ وَبِٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُنِیرِ﴾ المقصود بكلِّ هذا الكتب السماوية السابقة؛ التوراة والزبور والإنجيل والصحف، فهي البيِّنات والزُّبُر والكتاب المنير، فهذه صفاتٌ مشتركةٌ لموصوف متعدِّد، وفيها من تكرار المعنى وتأكيده ما لا يخفى.
﴿فَكَیۡفَ كَانَ نَكِیرِ﴾ أي: فكيف كان عذابي لهم، وقد ذكر النَّكِير بمعنى إنكاره تعالى لشِركهم وظُلمهم، وأراد اللازم له وهو العذاب، والله أعلم.
﴿وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِیضࣱ وَحُمۡرࣱ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَ ٰنُهَا وَغَرَابِیبُ سُودࣱ﴾ ذكر ما يُميِّز الجبال بعضها عن بعض في لون صخورها وعلاماتها وطرقها، فمنها الأبيض والأحمر والأسود، والغرابيب: هي الطرق السود، وأصلها من الغراب، ثم أكدَّها بقوله:
﴿سُودࣱ﴾، والله أعلم.
﴿إِنَّمَا یَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰۤؤُاْۗ﴾ أي: إنّ العلماء أكثر خشية من غيرهم؛ لمعرفتهم بمقام ربِّهم، فالعلم الحقُّ يُوصِل إلى الإيمان الحقِّ، ويُورِث التقوى والخشية من الله.
وهنا إشارة مأخوذة من السياق: أن النظر في الكون وما فيه من تنوُّع واختلاف هو علمٌ يُوصِل إلى هذا الإيمان، ويُورِث تلك التقوى.
﴿تِجَـٰرَةࣰ لَّن تَبُورَ﴾ تجارة رابِحة لن تخسر.
﴿لِیُوَفِّیَهُمۡ أُجُورَهُمۡ﴾ كما وعدهم.
﴿وَیَزِیدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۤۚ﴾ وليس لفضل الله حدٌّ، ولا لكرمه نهاية.
﴿مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِۗ﴾ بمعنى أنَّ القرآن جاء مُصدِّقًا للكتب السابقة.
﴿ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَـٰبَ ٱلَّذِینَ ٱصۡطَفَیۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ﴾ هم أمَّة محمد
ﷺ الذين اصطفاهم الله لحمل هذا القرآن.
﴿فَمِنۡهُمۡ ظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِۦ﴾ أي: من المؤمنين الذين آمنوا بالقرآن من يظلم نفسه بارتكاب المعاصي، فالمؤمنون ليسوا كلُّهم سواء، هكذا هي طبيعة البشر، وميدان التنافس والسبق مفتوحٌ للجميع.
﴿وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدࣱ﴾ أي: مُقِلٌّ مِن المعاصي واقِفٌ عند حدود الله، وهذه مرتبةٌ أعلى مما قبلها.
﴿وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَیۡرَ ٰتِ﴾ وهذه هي المرتبة العليا، وهؤلاء هم السابِقُون السابِقُون، والمُقرَّبُون عند الله.
﴿جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ یَدۡخُلُونَهَا﴾الواو هنا واو جمع، وقد جمعت الأوصاف الثلاثة الماضية بأنَّ لهم الجَنَّة، مع تفاوُت في الدرجات، ومِن ثَمَّ قِيل بأنَّ هذه الواو هي أغلى واو جمع في القرآن الكريم .
﴿دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ﴾ دار الخلود، وهي الجنَّة.
﴿لَا یَمَسُّنَا فِیهَا نَصَبࣱ﴾ تعَب.
﴿وَلَا یَمَسُّنَا فِیهَا لُغُوبࣱ﴾ مشقَّة.
﴿وَهُمۡ یَصۡطَرِخُونَ فِیهَا﴾ أي: يستغيثون ويطلبون النجدة.
﴿هُوَ ٱلَّذِی جَعَلَكُمۡ خَلَـٰۤىِٕفَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ أجيالًا تعقب أجيالًا.
﴿إِلَّا مَقۡتࣰاۖ﴾ إلا بُغضًا واحتِقارًا.
﴿فَمَن كَفَرَ فَعَلَیۡهِ كُفۡرُهُۥ ۖ﴾ أي: يتحمل عاقبة كفره.
﴿أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكࣱ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ﴾ أي: هل لهم شراكة مع الله في خلقها أو ملكها وحقّ التصرف فيها؟
﴿۞ إِنَّ ٱللَّهَ یُمۡسِكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ﴾ حيث وضَعَ لهما هذا النظام والناموس الكوني الذي لا يخرجان عنه.
﴿وَلَىِٕن زَالَتَاۤ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدࣲ مِّنۢ بَعۡدِهِۦۤۚ﴾ إِنْ هنا نافية بمعنى: ما، أي: لو زالتا لما أمسَكَهما أحدٌ غير الله.
﴿جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ﴾ أي: بأيمانهم المُغلَّظة والمُؤكَّدة.
﴿لَىِٕن جَاۤءَهُمۡ نَذِیرࣱ لَّیَكُونُنَّ أَهۡدَىٰ مِنۡ إِحۡدَى ٱلۡأُمَمِۖ﴾ هذا قولُ المشركين؛ حيث كانوا يُقسِمون بالأيمان المُشدَّدة أنّه لو بعَثَ الله فيهم رسولًا لتمسَّكُوا به، ولكانوا أهدَى من اليهود الذين كانوا يتعالَون على العرب بما معهم مِن علمٍ وكتابٍ.
﴿ٱسۡتِكۡبَارࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ﴾ بمعنى أنّ الذي صدَّهم عن الوفاء بما تعاهَدُوا عليه وأقسَمُوا به إنَّما هو الكِبر ومكر السوء.
﴿وَلَا یَحِیقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّیِّئُ إِلَّا بِأَهۡلِهِۦۚ﴾ أي: لا ينزل ولا يُحِيط إلَّا بهم.
﴿فَهَلۡ یَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ ٱلۡأَوَّلِینَۚ﴾ أي: العذاب والهلاك كما أهلَكَ الله الأُمَم السابقة.
﴿فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلࣰاۖ﴾ بأن يُغيِّر فيها فيجعلها بحقِّهم نعمةً بدل النقمة، بعد أن استحقوا النقمة.
﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحۡوِیلًا﴾ بأن يُحوِّل العذابَ عنهم إلى غيرهم.
﴿أَوَلَمۡ یَسِیرُواْ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرُواْ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَكَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةࣰۚ﴾ فيه أنَّ القوَّة وحدها ليست سَبَبًا في الأفضليَّة، ولا ضامِنة للبقاء؛ فالأقوياء لما ظلموا أخذهم الله، هكذا كان فرعون، وكانت عاد، وكانت ثمود.
﴿وَلَوۡ یُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهۡرِهَا مِن دَاۤبـَّةࣲ﴾ فالله لا يُعجِّل بالعقوبة، وإنَّما يُمهِل إلى أجلٍ معلومٍ ومُقدَّرٍ لعلَّ تائِبًا يتُوب، أو راجِعًا يرجِع
﴿وَلَـٰكِن یُؤَخِّرُهُمۡ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّىۖ فَإِذَا جَاۤءَ أَجَلُهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِۦ بَصِیرَۢا﴾.