هذا إخبارٌ من الله بأنَّ المؤمنين يقاتِلون في سبيله، {والذين كفروا يقاتِلونَ في سبيل الطَّاغوت} الذي هو الشيطانُ. في ضمن ذلك عدة فوائد: منها: أنه بحَسَبِ إيمان العبد يكون جهاده في سبيل الله وإخلاصُه ومتابعته، فالجهادُ في سبيل الله من آثار الإيمان ومقتضياتِهِ ولوازمِهِ؛ كما أنَّ القتالَ في سبيل الطاغوت من شُعَبِ الكفر ومقتضياتِهِ. ومنها: أن الذي يقاتل في سبيل الله ينبغي له ويَحْسُنُ منه من الصبر والجَلَدِ ما لا يقوم به غيره؛ فإذا كان أولياء الشيطان يصبِرون ويقاتِلون وهم على باطل؛ فأهل الحقِّ أولى بذلك؛ كما قال تعالى في هذا المعنى: {إن تكونوا تألمونَ فإنَّهم يألَمونَ كما تَألَمونَ وترجُون من اللهِ ما لا يَرجونَ ... } الآية. ومنها: أن الذي يقاتِلُ في سبيل الله معتمداً على ركنٍ وثيقٍ، وهو الحقُّ والتوكُّل على الله؛ فصاحب القوة والرُّكن الوثيق يُطْلَبُ منه من الصبر والثَّبات والنشاط ما لا يُطْلَبُ مِمَّن يقاتِل عن الباطل الذي لا حقيقة له ولا عاقبة حميدة؛ فلهذا قال تعالى: {فقاتِلوا أولياءَ الشَّيطانِ إنَّ كيدَ الشيطانِ كان ضعيفاً}؛ والكيدُ سلوكُ الطرق الخفيَّة في ضرر العدو؛ فالشيطانُ وإن بَلَغَ مكرُهُ مهما بَلَغَ؛ فإنه في غاية الضَّعْفِ الذي لا يقوم لأدنى شيءٍ من الحقِّ ولا لكيدِ الله لعبادِهِ المؤمنين.