يخبر تعالى عن الفضيحة والخزي الذي يصيب الكافرين وسؤالهم الرجعةَ والخروجَ من النار، وامتناع ذلك عليهم وتوبيخهم، فقال: {إنَّ الذين كفروا}: أطلقه ليشملَ أنواع الكفر كلَّها من الكفر بالله أو بكتبه أو برسله أو باليوم الآخر، حين يدخلون النار، ويُقِرُّون أنهم مستحقُّونها؛ لما فعلوه من الذنوب والأوزار، فيمقتون أنفسهم لذلك أشدَّ المقت، ويغضبون عليها غاية الغضب، فينادَوْن عند ذلك ويقال لهم: {لَمَقْتُ الله}؛ أي: إياكم إذ تُدْعَون إلى الإيمان فتكفرون؛ أي: حين دعتْكُم الرسل وأتباعهم إلى الإيمان، وأقاموا لكم من البيناتِ ما تبين به الحقُّ، فكفرتم وزهدتم في الإيمان الذي خلقكم الله له، وخرجتُم من رحمته الواسعة، فمقتكم وأبغضكم؛ فهذا {أكبر من مقتِكُم أنفسَكم}؛ أي: فلم يزل هذا المقت مستمرًّا عليكم، والسخط من الكريم حالاًّ بكم، حتى آلت بكم الحال إلى ما آلت؛ فاليوم حلَّ عليكم غضبُ الله وعقابه، حين نال المؤمنون رضوانَ الله وثوابه.