ثم ذكر وصفَ المسرف الكذاب، فقال: {الذين يجادلونَ في آياتِ الله}: التي بينت الحقَّ من الباطل وصارت من ظهورها بمنزلة الشمس للبصر؛ فهم يجادلون فيها على وضوحها لِيَدْفَعوها ويُبْطِلوها {بغير سلطانٍ أتاهم}؛ أي: بغير حجَّة وبرهان، وهذا وصفٌ لازمٌ لكلِّ من جادل في آيات الله؛ فإنَّه من المحال أن يجادلَ بسلطان؛ لأن الحقَّ لا يعارضه معارضٌ؛ فلا يمكن أن يعارضَ بدليل شرعيِّ أو عقليٍّ أصلاً. {كَبُرَ}: ذلك القول المتضمِّن لردِّ الحقِّ بالباطل {مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا}: فالله أشدُّ بغضاً لصاحبه؛ لأنَّه تضمَّن التكذيب بالحقِّ والتصديق بالباطل ونسبته إليه، وهذه أمورٌ يشتدُّ بغض الله لها ولمن اتَّصف بها، وكذلك عباده المؤمنون يمقتون على ذلك أشدَّ المقت موافقةً لربهم، وهؤلاء خواصُّ خلق الله تعالى؛ فمقتُهم دليلٌ على شناعة مَن مقتوه. {كذلك}؛ أي: كما طبع على قلوب آل فرعون، {يطبعُ الله على كلِّ قلبِ متكبرٍ جبارٍ}: متكبر في نفسه على الحقِّ بردِّه وعلى الخلق باحتقارِهِم، جبارٍ بكثرة ظلمه وعدوانه.