﴿حمۤ ﴾ تقدَّم الحديث عن الحروف المقطعة والرأي الراجح فيها أول سورة
البقرة.
﴿إِنَّ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّلۡمُؤۡمِنِینَ ﴾ تأكيدٌ للعلاقة بين العلم والإيمان، فالنظر في الكون يدعو للإيمان، والإيمان بالله يدعو للنظر في هذا الكون.
﴿ وَتَصۡرِیفِ ٱلرِّیَـٰحِ ﴾ باختلاف وجهتها وحركتها.
﴿وَیۡلࣱ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِیمࣲ ﴾ الأفَّاك: الكذَّاب كثيرُ الكذب، والأثِيمُ: كثيرُ الإثم.
﴿یَسۡمَعُ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِ ﴾ تعليلٌ لاستِحقاقه العذاب بأنّه قد بلَغَتْه الدعوة، وأُقيمَت عليه الحُجَّة.
﴿ثُمَّ یُصِرُّ ﴾ على الكفر بها.
﴿مُسۡتَكۡبِرࣰا ﴾ بيانٌ للدافع الذي يدفعه لإنكار هذه الآيات بعد سماعها.
﴿وَإِذَا عَلِمَ مِنۡ ءَایَـٰتِنَا شَیۡـًٔا ٱتَّخَذَهَا هُزُوًاۚ ﴾ فهو لم يسمع فقط، وإنّما علِم، وفي هذا تأكيدٌ لبلوغ الدعوة له، وإقامة الحُجّة عليه.
﴿مِّن وَرَاۤىِٕهِمۡ جَهَنَّمُۖ ﴾ أي: من بعد حياتهم هذه.
﴿وَلَا یُغۡنِی عَنۡهُم مَّا كَسَبُواْ ﴾ في حياتهم هذه من مالٍ وجاهٍ.
﴿وَلَا مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِیَاۤءَۖ ﴾ أي: ولا تُغنِي عنهم أصنامهم التي عبَدُوها من دون الله.
﴿إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ﴾ تأكيدٌ للعلاقة بين الدين والفكر، والإيمان والعلم، بخلاف ما يتوهَّمه الجاهلون.
﴿قُل لِّلَّذِینَ ءَامَنُواْ یَغۡفِرُواْ لِلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ أَیَّامَ ٱللَّهِ﴾ أي: قُل لهم أن يصفَحوا ويُعرِضوا عن هؤلاء الذين تقدَّم ذِكرُهم من المُستكبِرين المُعانِدِين الذي لا يحسبون حساب الآخرة، ولا يُؤمنون بها، فالانشِغالُ بهم مضيَعةٌ للوقت والجهد، وتعطيلٌ للدعوة أن تصِلَ إلى غيرهم.
﴿مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَاۤءَ فَعَلَیۡهَاۖ﴾ تأكيدٌ لعقيدة العدل الإلهي، وتأكيدٌ أيضًا لغنى الله تعالى عن عمل العاملين وعبادة المتعبِّدين.
﴿وَفَضَّلۡنَـٰهُمۡ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ بحمل رسالة الله وإقامة خلافته في الأرض، وهو تفضيلٌ مقترنٌ بالمسؤوليَّة التكليفيَّة، فلما حادُوا عن الطريق ذهَبَت الأفضليَّة عنهم.
﴿وَءَاتَیۡنَـٰهُم بَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ ۖ﴾ الأمر هنا: الشأن المطلوب تبيِينه وتشريع الأحكام له، وهو كلُّ ما يتعلق بنظام الحياة وتحقيق مصالح العباد.
﴿فَمَا ٱخۡتَلَفُوۤاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ ﴾ بمعنى أنّ اختلافهم لا عُذر لهم فيه، والسياق يُوحِي بالتعجُّب من فعلهم تعجُّبًا ممزوجًا باللوم والتوبيخ؛ إذ ما كان لهم أن يختلفوا بعد كلّ تلك البيِّنات، ثم كشفَ عن مبعث اختلافهم فقال:
﴿ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۚ﴾ فالبغي إذن هو الباعِثُ وليس العلم، وهذه طامَّة من طوامِّ أهل العلم؛ إذ لو تنافَسُوا على الصدارة والوجاهة والمتاع الزائل فسيكونون أقوى في تفريق الأمة وتمزيقها ممّا يكيده لها عدوُّها.
﴿ثُمَّ جَعَلۡنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِیعَةࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ﴾ وهي الإسلام الكامل الشامل، وأشار هنا بـ
﴿ثُمَّ ﴾ إلى سلب الأفضليَّة عن بني إسرائيل والأمانة التي كُلِّفوا بحملها، وتحويلها إلى أُمَّةٍ أخرى هي أُمَّةُ الإسلام التي ترِثُ الرسالات السابقة وتُؤتَمَن عليها، وتُقيم الإسلام الكامل الشامل في هذه الحياة.
﴿ وَٱللَّهُ وَلِیُّ ٱلۡمُتَّقِینَ﴾ أي: والله ناصِرُ هذه الأمة التي آمَنَت بالله وبرسوله، وحمَلَت هذه الأمانةَ من جديد.
﴿هَـٰذَا بَصَـٰۤىِٕرُ لِلنَّاسِ﴾ هذا أي: القرآن، والبصائر: جمع بصيرة، وهي إدراك الشيء على حقيقته، والمقصود أنّ القرآن يُعلِّمُ الناس حقائق الأمور التي يحتاجون إلى فهمها في شؤون دينهم وعلاقاتهم وقوام حياتهم.
﴿لِّقَوۡمࣲ یُوقِنُونَ﴾ يُؤمِنون عن علمٍ ويقينٍ، لا عن جهلٍ وتقليدٍ.