سورة الأحقاف تفسير السعدي الآية 4

قُلۡ أَرَءَیۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِی مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكࣱ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِۖ ٱئۡتُونِی بِكِتَـٰبࣲ مِّن قَبۡلِ هَـٰذَاۤ أَوۡ أَثَـٰرَةࣲ مِّنۡ عِلۡمٍ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ ﴿٤﴾

تفسير السعدي سورة الأحقاف

أي: {قل}: لهؤلاء الذين أشركوا بالله أوثاناً وأنداداً لا تملك نفعاً ولا ضرًّا ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، قل لهم مبيناً عجز أوثانهم، وأنَّها لا تستحقُّ شيئاً من العبادة: {أروني ماذا خَلَقوا من الأرض أمْ لهم شِرْكٌ في السمواتِ}: هل خلقوا من أجرام السماوات والأرض شيئاً؟ هل خلقوا جبالاً؟ هل أجْرَوْا أنهاراً؟ هل نشروا حيواناً؟ هل أنبتوا أشجاراً؟ هل كان منهم معاونةٌ على خلق شيءٍ من ذلك؟ لا شيء من ذلك بإقرارهم على أنفسهم فضلاً عن غيرهم. فهذا دليلٌ عقليٌّ قاطعٌ على أنَّ كلَّ من سوى الله؛ فعبادتُه باطلةٌ. ثم ذكر انتفاء الدليل النقليِّ، فقال: {ائتوني بكتابٍ من قبل هذا}: الكتاب، يدعو إلى الشرك، {أو أثارةٍ من علم}: موروث عن الرسل يأمر بذلك. من المعلوم أنَّهم عاجزون أن يأتوا عن أحدٍ من الرسل بدليل يدلُّ على ذلك، بل نجزم ونتيقَّن أنَّ جميع الرسل دَعَوْا إلى توحيد ربِّهم ونَهَوْا عن الشرك به، وهي أعظم ما يؤثَر عنهم من العلم؛ قال تعالى: {ولقد بَعَثْنا في كلِّ أمةٍ رسولاً أنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوتَ}، وكلُّ رسول قال لقومه: {اعبُدوا الله ما لكم من إلهٍ غيرُه}، فعُلِمَ أنَّ جدال المشركين في شركهم غير مستندين على برهانٍ ولا دليل، وإنَّما اعتمدوا على ظنونٍ كاذبةٍ وآراءٍ كاسدةٍ وعقولٍ فاسدةٍ، يدلك على فسادها استقراء أحوالهم وتتبُّع علومهم وأعمالهم والنظرُ في حال من أفْنَوْا أعمارهم بعبادته؛ هل أفادهم شيئاً في الدُّنيا أو في الآخرة.