{سمَّاعون للكذبِ}: والسمعُ ها هُنا سمع استجابة؛ أي: من قلَّة دينهم وعقلهم أن استجابوا لمن دعاهم إلى القول الكذب، {أكَّالون للسُّحت}؛ أي: المال الحرام بما يأخذونه على سفلتهم وعوامِهم من المعلومات والرواتب التي بغير الحق، فجمعوا بين اتباع الكذب وأكل الحرام. {فإن جاؤوك فاحْكُم بينهم أوْ أعْرِضْ عنهم}؛ فأنت مخيَّرٌ في ذلك، وليست هذه منسوخة؛ فإنه عند تحاكم هذا الصنف إليه يخيَّر بين أن يحكمَ بينهم أو يعرِضَ عن الحكم بينهم؛ بسبب أنه لا قصدَ لهم في الحكم الشرعي إلاَّ أن يكون موافقاً لأهوائهم. وعلى هذا؛ فكلُّ مستفتٍ ومتحاكم إلى عالم يَعلَمُ من حالِهِ أنَّه إن حَكَمَ عليه لم يرضَ؛ لم يَجِبِ الحكم ولا الإفتاء لهم؛ فإن حكم بينهم؛ وجب أن يحكمَ بالقِسْط. ولهذا قال: {وإن تُعْرِضْ عنهم فلن يَضُرُّوك شيئاً وإن حكمتَ فاحكُم بينَهم بالقسطِ إنَّ الله يحبُّ المقسِطين}: حتى ولو كانوا ظلمةً وأعداءً؛ فلا يَمْنَعُكَ ذلك من العدل في الحكم بينهم: وفي هذا بيان فضيلة العدل والقسط في الحكم بين الناس، وأنَّ الله تعالى يحبه.