ثم قال متعجِّباً منهم: {وكيف يحكِّمونك وعندهم التوراةُ فيها حكم الله ثم يَتَوَلَّوْنَ من بعدِ ذلك وما أولئك بالمؤمنينَ}؛ فإنَّهم لو كانوا مؤمنينَ عاملينَ بما يقتضيه الإيمانُ ويوجِبُهُ؛ لم يصدفوا عن حكم الله الذي في التوراة التي بين أيديهم إلاَّ لعلَّهم أن يجدوا عندك ما يوافِقُ أهواءَهم، وحين حكمتَ بينهم بحُكْم الله الموافق لما عندهم أيضاً؛ لم يرضَوْا بذلك، بل أعْرَضوا عنه، فلم يَرْتَضوه أيضاً. قال تعالى: {وما أولئك}: الذين هذا صنيعهم، بمؤمنينَ؛ أي: ليس هذا دأب المؤمنين، وليسوا حَرِيِّين بالإيمان؛ لأنهم جَعَلوا آلهتهم أهواءهم، وجعلوا أحكام الإيمانِ تابعةً لأهوائِهِم.