﴿قۤۚ﴾ من الحروف المُقطّعة، وقد تقدَّم الكلام فيها وبيان الراجح من الأقوال في سورة
البقرة.
﴿وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِیدِ﴾ يُقْسِمُ الله تعالى بكتابه المجيد، والمجيدُ مِن المجدِ، وهو: الشرف الكامل.
﴿بَلۡ عَجِبُوۤاْ أَن جَاۤءَهُم مُّنذِرࣱ﴾ والعَجَبُ: إنكارٌ لشيءٍ غير مألوفٍ في العادة، وهؤلاء المشركون عجِبُوا من أن يُرسِل الله إليهم رسولًا منهم، كأنّهم يُريدون مَلَكًا من السماء، وعجِبُوا أيضًا مما يُنذرهم به، وهو البعث والحساب بعد البعث.
﴿ذَ ٰلِكَ رَجۡعُۢ بَعِیدࣱ﴾ أي: رجوعهم إلى الحياة بعد موتهم بعيدٌ عن تصوّر عقولهم.
﴿قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ﴾ أي: نعلم ما يَنقُصُ منهم بسبب الموت، ثم يُدفن فتأكله الأرض، فكانت الأرض كأنّها هي التي تنقصُ منهم، أي: تأخذ منهم.
﴿فَهُمۡ فِیۤ أَمۡرࣲ مَّرِیجٍ﴾ أمرٌ مضطربٌ.
﴿كَیۡفَ بَنَیۡنَـٰهَا وَزَیَّنَّـٰهَا﴾ إشارةٌ إلى قيمتَين مُتكاملَتَين من قِيَم الإسلام: الإتقان، والجمال.
﴿وَمَا لَهَا مِن فُرُوجࣲ﴾ ليس فيها من شُقوق، بمعنى أنّها مُحكمة البناء ومُتقَنة.
﴿وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَـٰهَا﴾ بسَطنَاها لتكون صالحةً للسُّكنى والزراعة والسير ونحو ذلك، والبَسطُ هذا لا يُنافي كرويّتها؛ لأنّ بَسطَها بقدر حاجة الناس، وهذا ظاهرٌ، أمّا الشكل الكلّي للأرض فهو أكبر من أن يُحيط به نظرُ الإنسان المُجرَّد.
﴿وَأَلۡقَیۡنَا فِیهَا رَوَ ٰسِیَ﴾ وجعلنا فيها جبالًا شامخات، وقد شبَّه وجود الجبال على الأرض بالأشياء التي تُلقى من فوق من حيث تناثرها؛ حيث يراها الناظر بلا نسقٍ، بخلاف ما لو قال مثلًا: بنيناها.
﴿وَأَنۢبَتۡنَا فِیهَا مِن كُلِّ زَوۡجِۭ بَهِیجࣲ﴾ أي: من كلِّ صنفٍ مُبهِجٍ، أي: يُدخِل البهجة في نفس الناظر، وهنا إشارةٌ إلى قيمة الابتهاج، وانشراح الصدر، وحسن المنظر.
﴿تَبۡصِرَةࣰ وَذِكۡرَىٰ﴾ بمعنى أنّ هذه الآيات المبثوثة في هذا الكون مِن شأنها أن تُبصِّرَ الناس بالحقائق والمعارف، وتُذكِّرهم بها فتجعلها حاضرةً أمامهم.
﴿لِكُلِّ عَبۡدࣲ مُّنِیبࣲ﴾ أي: لكلِّ عبدٍ باحثٍ عن الحقِّ وعائدٍ إليه.
﴿مَاۤءࣰ مُّبَـٰرَكࣰا﴾ هو ماء المطر، وسمَّاه مباركًا؛ لما يحمله من خيرٍ ونعمةٍ.
﴿فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ جَنَّـٰتࣲ وَحَبَّ ٱلۡحَصِیدِ﴾ نبَّه إلى نوعَين من الزرع: الأشجار وما فيها من ظلالٍ وثمرٍ، والحَبِّ الذي يُحصَد؛ كالبُرِّ، والشعير، والأُرز.
﴿وَٱلنَّخۡلَ بَاسِقَـٰتࣲ﴾ أي: عالِيات مُرتفعات، وخصَّ النخل بالذِّكر؛ تنبيهًا لفضلها على باقي الشجر.
﴿لَّهَا طَلۡعࣱ نَّضِیدࣱ﴾ والطَّلعُ: أوَّل ظهور العذوق من أكمامها، والنضيد أي: منضودٌ بعضه مع بعض.
﴿وَأَحۡیَیۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةࣰ مَّیۡتࣰاۚ﴾ أي: أحيَينا بماء المطر أرضًا كانت قاحِلَة ليس فيها زرع ولا ثمر.
﴿كَذَ ٰلِكَ ٱلۡخُرُوجُ﴾ تشبيه لخروج الناس يوم البعث بإعادة الحياة للأرض بعد المطر.
﴿وَأَصۡحَـٰبُ ٱلرَّسِّ﴾ قومٌ من الأقوام الكافرة والمكذِّبة بدعوة الرسل، ولم يَرِد في القرآن ولا في السنّة الصحيحة ما يُبيِّن حالَهم، فالأَولَى أخذ العبرة العامة دون الجزم بهويتهم، ومعنى الرسّ في اللغة: البئر المطويَّة بالحجارة.
﴿وَأَصۡحَـٰبُ ٱلۡأَیۡكَةِ﴾ هم قومُ شُعيب
عليه السلام، وأصلُ الأَيكة الشجرة.
﴿فَحَقَّ وَعِیدِ﴾ أي: استَحقُّوا العذابَ الذي توعَّدَهم الله به.
﴿أَفَعَیِینَا بِٱلۡخَلۡقِ ٱلۡأَوَّلِۚ﴾ استفهامٌ بمعنى اللوم والتقريع، أي: أعَجَزْنا عن خَلقهم أوَّل مرة؟
﴿بَلۡ هُمۡ فِی لَبۡسࣲ مِّنۡ خَلۡقࣲ جَدِیدࣲ﴾ بل اضطرب هؤلاء المشركون واختلط عليهم أمر الخلق الثاني، ولو فكَّروا في وجودهم وكيف خلقهم الله أوَّل مرة لزالَ عنهم خَلطهم واضطرابهم.
﴿وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥ ۖ﴾ فالله يعلمُ كلّ شيءٍ؛ يعلمُ أقوالهم المُعلَنة، ووساوسهم الخفيَّة التي يُحدِّثون أنفسهم بها.
﴿وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَیۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِیدِ﴾ والوريد هو: الشريان الغليظ المُمتد مع الرقبة، وقد شبَّهه بالحبل لغِلَظه، والمقصود بهذا الإخبار أنّه تعالى أعلم بنا من أنفسنا، وأقدر علينا منها.
﴿إِذۡ یَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّیَانِ﴾ وهما المَلَكَان المُوكَّلان بكلِّ إنسانٍ، فيتلقَّيان عنه أعمالَه وأقوالَه ويُدوِّنانها.
﴿مَّا یَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَیۡهِ رَقِیبٌ عَتِیدࣱ﴾ والرقيبُ: الذي يُراقِبُ، والعَتِيدُ: المُتهيِّئُ، وهما صِفتان للمَلَكَين، تُشعِران بدقَّة الحفظ والتدوين فلا يفوتهما شيءٌ.