وهؤلاء الذين في الظلمات يعمهون وفي باطلهم يتردَّدون غير متساوين؛ فمنهم القادةُ والرؤساء والمتبوعون، ومنهم التابعون المرؤوسون، والأولون منهم الذين فازوا بأشقى الأحوال، ولهذا قال: {وكذلك جَعَلْنا في كلِّ قريةٍ أكابرَ مجرِميها}؛ أي: الرؤساء الذين قد كبر جرمهم واشتدَّ طغيانهم؛ {ليمكُروا فيها}: بالخديعة والدعوة إلى سبيل الشيطان ومحاربة الرسل وأتباعهم بالقول والفعل، وإنما مكرهم وكيدهم يعود على أنفسهم؛ لأنهم يمكُرون ويمكُر الله والله خير الماكرين. وكذلك يجعل الله كبار أئمة الهدى وأفاضلهم يناضلون هؤلاء المجرمين ويردُّون عليهم أقوالهم، ويجاهدونهم في سبيل الله، ويسلكون بذلك السُّبُل الموصلة إلى ذلك، ويعينهم الله، ويسدِّد رأيهم، ويثبِّت أقدامهم، ويداوِلُ الأيام بينَهم وبين أعدائهم حتى يَدولَ الأمر في عاقبته بنصرِهِم وظهورِهم. والعاقبة للمتقين.