لما ذكر تعالى جزاء المجرمينَ وجزاء المحسنين، وذكر ما بينهما من التفاوت العظيم؛ أخبر أنَّ المجرمين كانوا في الدُّنيا يسخرون بالمؤمنين ويستهزِئون بهم و {يضحكون}: منهم، فَـ {يتغامَزون}: بهم عند مرورهم عليهم احتقاراً لهم وازدراءً، ومع هذا تراهم مطمئنِّين لا يخطُر الخوف على بالهم، {وإذا انقلبوا إلى أهِلِهم}: صباحاً أو مساءً، {انقلبوا فَكِهين}؛ أي: مسرورين مغتبطين، وهذا أشدُّ ما يكون من الاغترار؛ أنَّهم جمعوا بين غاية الإساءة مع الأمن في الدُّنيا، حتى كأنَّهم قد جاءهم كتابٌ وعهدٌ من الله أنَّهم من أهل السعادة، وقد حكموا لأنفسهم أنَّهم أهلُ الهدى، وأنَّ المؤمنين ضالُّون؛ افتراءً على الله، وتجرؤوا على القول عليه بلا علم. قال تعالى: {وما أُرْسِلوا عليهم حافظين}؛ أي: وما أرسلوا وكلاء على المؤمنين، ملزمين بحفظ أعمالهم، حتى يحرصوا على رميهم بالضَّلال، وما هذا منهم إلاَّ تعنُّتٌ وعنادٌ وتلاعبٌ ليس له مستندٌ ولا برهانٌ.