يقول تعالى مبيناً تبجُّح المنافقين بتخلُّفهم وعدم مبالاتهم بذلك الدالِّ على عدم الإيمان واختيار الكفر على الإيمان:
{فرِحَ المخلَّفون بمَقْعَدِهم خلافَ رسول الله}: وهذا قدر زائد على مجرَّد التخلُّف؛ فإنَّ هذا تخلُّفٌ محرَّمٌ، وزيادةُ رضا بفعل المعصية وتبجحٍ به.
{وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله}: وهذا بخلاف المؤمنين، الذين إذا تخلَّفوا ولو لعذرٍ؛ حزنوا على تخلُّفهم، وتأسَّفوا غاية الأسف، ويحبُّون أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله؛ لما في قلوبهم من الإيمان، ويرجون من فضل الله وإحسانه وبره وامتنانه.
{وقالوا}؛ أي:
المنافقون :
{لا تنفِروا في الحرِّ}؛ أي: قالوا: إنَّ النفير مشقَّةٌ علينا بسبب الحرِّ فقدموا راحة قصيرة منقضية على الراحة الأبدية التامة، وحذروا من الحرِّ الذي يقي منه الظلال ويُذْهِبُه البكر والآصال على الحرِّ الشديد الذي لا يُقادَرُ قدره، وهو النار الحامية، ولهذا قال:
{قل نارُ جهنَّم أشدُّ حرًّا لو كانوا يفقهون}.