﴿أَفَأَنتَ تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ یَكُونُواْ مُؤۡمِنِینَ﴾ استفهامٌ إنكاريٌّ، وتأصيلٌ عظيمٌ يربط بين الإيمان وحريَّة الاختيار؛ ذاك أن الإيمان عقيدة جازمة محلُّها القلب، والإكراه فيها غير مُتصوَّر؛ لأن المكرَه لو استجاب فإنه يستجيب بلسانه لا بقلبه، وهذا لا يسمى إيمانًا.
﴿وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تُؤۡمِنَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ﴾ بعلمه وتوفيقه، ووفق سننه الثابتة في الابتلاء والاختبار والتمييز.
﴿ٱلرِّجۡسَ﴾ العذاب.
﴿قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ﴾ دعوة للنظر في هذا الكون الفسيح وما فيه من دلائل باهرة وآثارٍ جليلة تنطق بعظمة الخالق ورحمته وحكمته.
﴿وَمَا تُغۡنِی ٱلۡـَٔایَـٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوۡمࣲ لَّا یُؤۡمِنُونَ﴾ لا يريدون الإيمان، ولو استبانَت لهم دلائله بسبب مواقف مُسبقة مبنيَّة على كِبْرٍ وحسدٍ وعداوةٍ للحقِّ وأهله، والنُّذُر جمع مفردها نَذِير، وفي آيات القرآن وقَصصه ما يكفِي من النُّذُر حتى تقوم الحجة على كلِّ منكرٍ معاندٍ.
﴿قُلۡ فَٱنتَظِرُوۤاْ إِنِّی مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِینَ﴾ فيه تهديدٌ ووعيدٌ، وثقةٌ مطمئنةٌ إلى وعد الله.
﴿كَذَ ٰلِكَ حَقًّا عَلَیۡنَا نُنجِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ حقٌّ أوجبه الله على نفسه فضلًا وتكرُّمًا أن ينجي الرسل ومن آمن معهم من كلِّ عذابٍ عامٍّ يقع على أقوامهم بسبب تكذيبهم للرسل وصدِّهم عن سبيل الله، وهذه سنَّة تحقَّقَت في كلِّ
القصص النبوي من نوحٍ، وإبراهيم، ولوط، وهود، وصالح، وشعيب، وموسى عليهم وعلى نبيِّنا محمد أفضل الصلاة والسلام.
أما في غير هذه الصورة فالمؤمنون موكُولُون إلى سنَّة التدافع، ومستوى الأخذ بالأسباب، وإعداد العُدَّة، وحُسن الظن بالله غالِبٌ أن ينصر عباده المظلومين في كلِّ زمانٍ ومكانٍ.
﴿وَلَـٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِی یَتَوَفَّىٰكُمۡۖ﴾ خصَّ الوفاةَ هنا؛ تذكيرًا بمصير الإنسان الذي تزُول معه كلُّ الشهوات والرغبات، وهذا أَدعَى لتجريد الفكر، وتمحيص النظر، وتصفية القلب ليُدرِكَ الحقيقةَ كما هي من غير لَبسٍ، ولا غشاوة.
﴿وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ ولم يقل: لأكون مؤمنًا، في إشارةٍ لأهمية الكينونة مع
الصف المؤمن والأمة المؤمنة.
﴿حَنِیفࣰا﴾ مُخلصًا له ومائلًا إليه دون سِواه.
﴿فَإِنَّمَا یَهۡتَدِی لِنَفۡسِهِۦۖ﴾ فالله ﻷ لا يزيده إيمانُنا ولا هدايتُنا، وإنما يدعونا إلى ذلك لمحض منفَعَتنا نحن، وكذاك لا ينقصه كفرُ الكافرين، ولا ضلالُ الضالين
﴿وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیۡهَاۖ﴾ وإنما يُحذِّرنا من ذلك لمحض منفعتنا أيضًا، وهذا من عظيم رحمته بخلقه ـ.
﴿وَمَاۤ أَنَا۠ عَلَیۡكُم بِوَكِیلࣲ﴾ وما أنا بموكَّل على هدايتكم، فوظيفةُ الرسول التبليغ والبيان وإقامة الحجة، ثم الناس أحرارٌ فيما يرَون ويختارون، وهم بعد ذلك المسؤولون عن أنفسهم وما اختاروا لها.
﴿وَٱتَّبِعۡ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ وَٱصۡبِرۡ﴾ إشارةٌ إلى أن اتباع الحقِّ يحتاج إلى الصبر؛ لكثرة دواعي الفتنة داخل النفس وخارجها.
﴿حَتَّىٰ یَحۡكُمَ ٱللَّهُۚ﴾ بينك وبين هؤلاء الكافرين المكذِّبين
﴿وَهُوَ خَیۡرُ ٱلۡحَـٰكِمِینَ﴾.